السبت، 18 ديسمبر 2010

بقلم / أ. شادي طلعت .. مواطن قوة أمريكا 8- القضاء الأمريكي

يعد القضاء الأمريكي نتاج خبرات مجتمعية كثيرة أثرت فيه و قامت بتطويره حتى يصل إلى ما هو عليه الآن من شكل يضمن العدالة لأي متهم يمثل أمامه و حتى نفهم طبيعة القضاء الأمريكي فإننا سنتطرق إلى عدة عناصر مهمة ساهمت في أن يكون الأقرب إلى العدالة عن غيره من دول أخرى.

- كيفية إختيار القضاة :

و بداية القضاء في أمريكا يتسم بعدة صفات غير موجودة إلا فيه ! و نظامه يختلف من ولاية إلى أخرى ففí ففي بعض الولايات يكون القضاة بالإنتخاب بينما في البعض الآخر يكون القضاة بالتعيين ، و أياً كان الأمر فإن القضاء له قواعد و أركان تضمن العدالة و الحماية للمتهم إلى أن تثبت إدانته و تعالوا معاً للنظر إلى طبيعة تعيين القضاة في و لاية إلينوي على سبيل المثال :

القضاة في ولاية إلينوي يأتون بالإنتخاب ، و إذا ما زاد الطلب على القضاة نتيجة إرتفاع القضايا فإن القضاة المنتخبون يقومون بتعيين من يرونه صالحاً لمنصب القضاء .

أما القضاء في ولاية مساتشوتسس على سبيل المثال فإنه يكون بالتعين من حاكم الولاية ، و لا يوجد إنتخاب للقضاة .

- تعيين المرأة في القضاء :

المرأة في أمريكا قد تتخطى نسبة القاضات النساء القضاة الرجال في بعض الولايات و هذا أمر ليس بالغريب ، و لكن ما يجب أن نعلمه جيداً هو آلية إختيار النساء في القضاء ، و بداية علينا أن نعلم أن المرأة حتى تصل إلى القضاء فإنها يجب أن تكون محامية في المقام الأول ثم تكون قد قضت خبرة لا تقل عن 10 سنوات على الأقل في مهنة المحاماة و كلما زادت الخبرة كلما زادت إمكانية عملها في القضاء سواء بالإنتخاب أو بالتعيين ، لذلك نجد أن القاضيات لا تقل أعمارعهم عن 40 أو 45 عاماً ! و هو رقم مهم إذ أن المرأة في هذه المرحلة العمرية تكون قد مرت بمرحلة الزواج و الإنجاب ، كما أنها تكون قد مرت بمرحلة ما بعد الطمث ، و إن كان لها أبناء فإنهم لن يكونوا رضعاً !

و بالنظر إلى الطريقة التي تأتي بها المرأة إلى القضاء في أمريكا نجد أن تعيين المرأة في القضاء في مصر أمر مضحك بل و مثير للإنتقاد أيضاً فسبيل تعيين المراة في القضاء في مصر هو الوساطة و المحسوبية دون إشتراط خبرة أو سن ! المسألة في النهاية تقليد لا يستخدم العلم أو المنطق !؟

- الإستعانة برجال الدين في حال إحتكام الخصوم إلى الدين :

في بعض القضايا و بخاصة قضايا الأحوال اشخصية قد يلجأ المتخاصمون إلى الإستشهاد بالدين أو المعتنق لذي هم عليه ، و في هذه الحالة نجد أن القضاء يساعين بأهل الخبرة من نفس الدين أو المعتنق ، لمعرفة مدى جدية أو صدق ما يدعيه المتخاصمين فالنساء قد تطلب عدم أحقية الزوج في رؤية أولاده إستناداً إلى نص معين في الدين ! هنا نجد القضاء يرسل إلى أهل الخبرة في الدين الذي يعتنقه صاحب الإدعاء .

- العلاقة بين كل من .. القاضي و المدعي العام و المحامي :

إن العلاقة بين المثلث الذي ذكرناه القاضي و المدعي العام و المحامي علاقة وطيدة ، فبمجرد دخول قاعة القضاء يحترم الثلاثة الكراسي التي يجلسون عليها و أثناء تداول القضية يتصل القاضي بالمحامي و المدعي العام ليتناقش معهم حول القضية و عن رؤيته لأبعاد القضية و لا يخجل القاضي من أن يطلب المعرفة من المحامي أو المدعي العام فالهدف في النهاية صالح الفرد و المجتمع ككل ، و قد يفاجأ البعض بأن أحد أضلاع المثلث أو كلاهم قد يكون مر بالعمل بالضلعين الآخرين فقد تجد أن المحامي كان قاضياً في السابق و قد يكون مدعياً عاماً في السابق أيضاً و نفس الوضع قد تجده بالنسبة للقاضي و المدعي العام أيضاً .

إن أهم ما يميز العلاقة بين أركان العدالة في القضاء الأمريكي هو التواضع الشديد و عدم وجود الرسميات الموجودة في مصر على سبيل المثال فلا توجد مهنة أو وظيفة أفضل من الأخرى ، بل إن القارئ قد يتعجب إذا ما علم أن القاضي أو المدعي العام يكاد يكون متواضعاً عندما يترك المحاماة و يتجه إلى مننصب الإدعاء أو القضاء ، إذ أن مهنة المحاماة تعد الأولى من حيث مستواها المادي المرتفع جداً في أمريكا على مستوى كافة الولايات .

- هيئة المحلفين :

و يرتبط بالقضاء جزء مهم و هو هيئة المحلفين و قد لا يعرف البعض طبيعة هذه الهيئة و لا يعرفون إختصاصها أو سلطاتها ، إن هيئة المحلفين تتكون بناء على طلب المحكمة من الناس أن يتقدموا إليها و الناس بالفعل تتقدم بطلبات إليها و عندما نقول الناس فنحن نقصد جميع الفئات بداية من المهن الدنيا كالسباكة و النجارة ... إلخ و نهاية بالمهن الأعلى كالهندسة و الطب .. إلخ و عندما يتقدم الناس بطلبات إلى هيئة المحلفين فإنه يتم إختيار 80 شخص منهم و يتم إختيار 6 أشخاص من الـ 80 شخص في القضايا الصغرى و 12 شخص من الــ 80 شخص في القضايا الكبرى ، و لا يوجد أي مقابل مادي لهؤلاء المحلفين ! فالمسألة في النهاية تطوعية بحته .

و هيئة المحلفين تنظم في القضية التي أوكلت إليها بعد أن يتم إختيارها و الموافقة عليها من القاضي و المدعي العام و المحامي و المتهم ، و إذا ما أقرت هيئة المحلفين في نهاية القضية بأن الشخص غير مذنب ، فإنها تكون قد وضعت سوراً حديدياً بين المتهم و القاضي و يكون القاضي مجبراً بأن يحكم ببرائة المتهم ، أما و إن رأت هيئة المحلفين أن النتهم مذنب فإن القاضي يطبق على المتهم العقوبة التي يقررها القانون و لو كان القانون يشمل أكثر من عقوبة طبقاً لتقير القاضي فإن القتضي يختار العقوبة طبقاً لوجهة نظره القانونية .

الهدف من هيئة المحلفين :

إن الهدف من وجود هيئة المحلفين هدف سامي جداً ، فالمتهم الذي يلقى عقوبة نتيجة حكم المحلفين عليه بأنه مذنب ، يكون قد تلقى العقوبة من المحلفين و ليس القاضي فالقاضي هنا يكون دوره و ضع العقوبة التي نص عليها القانون فقط ! بينما المحلفين هم من أصدر الحكم و هم فئة من المجتمع الذي خرج منه المتهم .

أي أن الحكم في النهاية قد صدر على المتهم من المجتمع و ليس من شخص القاضي .. هذا هو الهدف الأسمى في النهاية لوجود هيئة المحلفين فالحكم صادر من المجتمع و ليس القاضي !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق